كانت البداية كالحلم الذي راوده في ليل بهيم ، يسترق السمع في خجل ، يسهو أحيانا ، كثرت الشفاه متدافعة على أذنيه الممتلئتين بأصوات الهمس والصخب ، وضجيج اعتاده ، تذكر تلك الليلة لما استيقظ على مواء قطط تعبث في كل جهات البيت الخرب ، تصور نفسه كالحالم ...عندما يبزغ أول شعاع من الشمس أصفف شعري من كدر الكوابيس المزعجة الأليفة و أمسح كل الغيوم التي تغشي أحلامي النائمة ثم ألعب مع أول طيف يراودني و أدع كل الأشياء تعبث بي لأنّي كالبطل الفاشل يحاصره الخصوم يخشاه الجميع و لكن ارتباكه صنع منه مهزوما و تحولت البطولة إلى الأشياء الأخرى فتحاصره من كل جهة و يظل يصرخ في داخله و يشد حلمه و يركبه اليأس باعتناء يمتطيه كالهارب من قدره إلى حتفه ، ماذا يمكن أن يتصور و كل الأشياء التي تحيط به تعبث بأشيائه البعيدة و أحلامه النافرة و كل صور القذارة تملأ الرحب ، ككل مرة يسعد بحزنه لأنّه أصاب الهدف و لكن على بطء ، يجمع نفسه كالمشتت و يرمي بها إلى داخله ، يستجمع أشياءه في حياء ،و يغني للأطياف حلمه ذات ليلة :
سمعت صوتا هاتفا في السحر ....(*)
و لكنك لم تسمع إلا نفسك و الكل من حولك لا يراك و لا يسمعك ، تعتقدهم كذلك و ليس في هذا الليل إلا صور من عبث تتناقل بين الأشياء المنسية أو التائهة ، لا يمكن للأشياء التي تظنها جميلة هي جميلة ، أنت لست إلا ذلك الحلم الذي تاه بين أشيائه البعيدة و ظل يراودها فراودته ، نسيت المقطع الآخر و لم تتذكر منه إلا:
نادى من الغيب غفاة البشر....،(*)
ما الذي جعلك تتوقف...طبعا لم يعجبك هذا الصوت و كنت تظن النهاية كتلك التي انتهت إليها كل الأشياء ، اهتززت لأول صوت انبعث من الشرفة المجاورة و كنت تحسب كل الناس من حولك و لكنهم يعبثون بأشيائهم التي ليست كأشيائك ، كنت كالمغرور تستبسطها و ليس من حولك إلا أنت تراوح نفسك في اعتداد ، ثم مشيت في خفوت تستذل كل الأشياء في نفسك و القدر يستذلك ، حسبتهم كأنهم أنت أو أنك هم و قد أصاب روحك الوهن و تمزقت أشياءك ككل مرة ، حاولت ككل مرة اللجوء إلى شيء يحميك من أشيائك و لكن أبجدية الأمور ليست في طريقها إليك ، و اعتقدت السير في هذا الطريق يحميك من أشيائهم ، كل الأشياء تنافرت و امتدت مع أوراق اللبلاب على صفرته و اعتصاره المخيف ، كنت هاربا قي صمت ، أصبحت تصرخ كالمجنون لأنّ كل الأشياء تصرخ من أشيائك ، كالمعتوه تطلبها و تهذي في كثير من الغماءات التي لا تصيبك إلا في فقد هذه الأشياء ، و قمت ذات مرة مستعجلا أشياءك الكثيرة و أحلامك لا تنطفئ غير أنّها خائبة ، تطلبها على مضض و في نفسك أشياء و أشياء ، تخفيها و تخاف منها ، و أعجبتك ترنيمة جميلة كنت ترددها لأنّك سمعتها منهم ، فوجدتها جميلة كجمال أشيائك المنهكة :
هبوا املئوا كأس المنى قبل أن تملأ كأس العمر كف القدر(*) ،
لم تنزعج كثيرا من هذا الكابوس لما وجدت نفسك غارقا في ديوان ّ الخيام لأنّه كان كثير الصمت حبيب الكون .
سمعت صوتا هاتفا في السحر ....(*)
و لكنك لم تسمع إلا نفسك و الكل من حولك لا يراك و لا يسمعك ، تعتقدهم كذلك و ليس في هذا الليل إلا صور من عبث تتناقل بين الأشياء المنسية أو التائهة ، لا يمكن للأشياء التي تظنها جميلة هي جميلة ، أنت لست إلا ذلك الحلم الذي تاه بين أشيائه البعيدة و ظل يراودها فراودته ، نسيت المقطع الآخر و لم تتذكر منه إلا:
نادى من الغيب غفاة البشر....،(*)
ما الذي جعلك تتوقف...طبعا لم يعجبك هذا الصوت و كنت تظن النهاية كتلك التي انتهت إليها كل الأشياء ، اهتززت لأول صوت انبعث من الشرفة المجاورة و كنت تحسب كل الناس من حولك و لكنهم يعبثون بأشيائهم التي ليست كأشيائك ، كنت كالمغرور تستبسطها و ليس من حولك إلا أنت تراوح نفسك في اعتداد ، ثم مشيت في خفوت تستذل كل الأشياء في نفسك و القدر يستذلك ، حسبتهم كأنهم أنت أو أنك هم و قد أصاب روحك الوهن و تمزقت أشياءك ككل مرة ، حاولت ككل مرة اللجوء إلى شيء يحميك من أشيائك و لكن أبجدية الأمور ليست في طريقها إليك ، و اعتقدت السير في هذا الطريق يحميك من أشيائهم ، كل الأشياء تنافرت و امتدت مع أوراق اللبلاب على صفرته و اعتصاره المخيف ، كنت هاربا قي صمت ، أصبحت تصرخ كالمجنون لأنّ كل الأشياء تصرخ من أشيائك ، كالمعتوه تطلبها و تهذي في كثير من الغماءات التي لا تصيبك إلا في فقد هذه الأشياء ، و قمت ذات مرة مستعجلا أشياءك الكثيرة و أحلامك لا تنطفئ غير أنّها خائبة ، تطلبها على مضض و في نفسك أشياء و أشياء ، تخفيها و تخاف منها ، و أعجبتك ترنيمة جميلة كنت ترددها لأنّك سمعتها منهم ، فوجدتها جميلة كجمال أشيائك المنهكة :
هبوا املئوا كأس المنى قبل أن تملأ كأس العمر كف القدر(*) ،
لم تنزعج كثيرا من هذا الكابوس لما وجدت نفسك غارقا في ديوان ّ الخيام لأنّه كان كثير الصمت حبيب الكون .