...تصفيق حار ...هتافات...امتلأت القاعة صخبا ...قام الجميع...أتمَّ القصيدة و بعض التصفيقات منبعثة من عمق القاعة تكاد لا تسمع ...التفت الجميع و أداروا رؤوسهم إلى الوراء كمن أحس بوخز و قاطعوا بنظرهم المنصة ..يبحثون بفضول شديد و كل واحد منهم في نفسه سؤال عن جواب غامض و اقترب ذلك التصفيق متجها إلى المنصة دون توقف و التفتت القاعة برمتها مشدودة إليه تبحث عن سر مفقود أو صوت مبهم أو مداعبة لمشاعرهم ...و لم تهدأ القاعة و ظل واقفا شدّ كل الأنظار ، حتى بلباسه المميز و في نفسه كل الأسئلة التي من الممكن أن يطرحها لو كان مكانهم و يده تداعب خصلة من شعره الأبيض كفاصلة بعد مد و يتركها تداعب نفسها مغرورة بتجاعيدها التي مدها الزمان ملفوفة بسواد شعيرات الشباب كأنّها توحي بحنين إلى الماضي السحيق تتحدى وصل السنين ، اقترب من المنصة و الجميع يتوقع الجديد من الغريب ، و بصوت مبحوح حزّ في نفس الحضور لو يشرب ماء حتى يفهموا كلامه المنبعث من حنجرته الغارقة في حاءات متشابهة و متصادمة يتخللها تعثر كلازمة خطبة مبتورة أو خطى متعثرة : أنا الحلم الذي ضاع من أيديكم ،
أنا السفر الأتون
أنا الليل الماضي و صبح الآسفين
سمعتكم ذات ليلة تسألون :
من القائل و المناسبة ، صمت،
الجواب في رحم أمي و قصائد الملايين
شبعت أحلاما و زدت حلما بعد سنين
لأنّ الحكاية بلا نهاية قلت ثمة سر
وسر الغائبين على كلّ جبين....
و قفز من و إلى الأرض كمن كان مشدودا ، صوب اليمين ، ثم إلى الشمال ، كالهارب المفزوع ، أنا الهارب من نفسي ، إلى نفسي لآنّي اكتشفت بأنّها لا تصلح لهذا الزمان و لا يصلح لها و أدركت بأني أنتم و أنتم أنا ، و لكن كلا منا لم يعرف من الآخر و لا الآخر يعرف من هو ، لكن الذي أدركته أنّي شارد منكم كقصيدة بلا عنوان أصابها الإقواء فتاهت بين القصائد .
أنا السفر الأتون
أنا الليل الماضي و صبح الآسفين
سمعتكم ذات ليلة تسألون :
من القائل و المناسبة ، صمت،
الجواب في رحم أمي و قصائد الملايين
شبعت أحلاما و زدت حلما بعد سنين
لأنّ الحكاية بلا نهاية قلت ثمة سر
وسر الغائبين على كلّ جبين....
و قفز من و إلى الأرض كمن كان مشدودا ، صوب اليمين ، ثم إلى الشمال ، كالهارب المفزوع ، أنا الهارب من نفسي ، إلى نفسي لآنّي اكتشفت بأنّها لا تصلح لهذا الزمان و لا يصلح لها و أدركت بأني أنتم و أنتم أنا ، و لكن كلا منا لم يعرف من الآخر و لا الآخر يعرف من هو ، لكن الذي أدركته أنّي شارد منكم كقصيدة بلا عنوان أصابها الإقواء فتاهت بين القصائد .