1-النوافذ
وقد أُغلـِقت النوافذ ،
لا شيء ثمة سوى الرمل الأبيض
في العتمة أحدّق بروحي
يتراكم على الزجاج ،
لا شيء ثمة سوى الظلام الكثيف
يتمدّد على المدى الفسيح ،
لقد ابيضتْ عيناي
وأصبحنا كحجرين صلدين ،
وخفتت تغاريد روحي
السجينة في قفص الليل .
والدماء ... الدماء تهطل بغزارة ...
سالت على الجدران
وأغرقت الشوارع الصامتة
لقد حدّقتُ طويلا في هاوية روحي
فتصاعد الدّوار في رأسي
وهويتُ علىالأرض العارية الباردة .
وها قد فـُتحتْ النوافذ
فوهب الضوء هداياهُ لروحي المعتمة
وأرورقتْ أغصانها
وتفتحتْ أزهارها على النوافذ .
2- أوقاتٌ للتأمل
للصباح لون الجثث
والليل عباءة الأحزان ،
والوجوهُ أوراقٌ صفر
تتساقط في خريف متأخر ،
للأقدام خطىً مترددة
على دربٍ من الأشواك ،
جثث الأزهار اليابسة
تغفو على سفح الآلام ،
وأنت يا قلبي
يوغلُ فيك رمحُ الأسى
وتتبعثر في عروقك
أصدافُ الأحزان ،
وتغفو الأسرارُ في دمك :
أسرارٌ من دخان ،
أسرارٌ من رصاص ،
أسرارٌ من سراب ،
أسرارٌ من حجر ،
أوّاه يا قارة من الألم والفوضى !
أوّاه يا أنهاراً من الجليد والرماد !
يا سيّد الكآبة
يا باب الأشجان
يا نافذة مغلقة على غرف الأسرار ،
يا مائدة من العلقم والفضة ،
يا أطياف الرؤى المسفوحة على حافة الليل ،
يا شجناً قـَطـَعَ أوتارَ قيثاره ،
يا صباحاً من الفحم والطيور الميتة ،
هل أبوحُ بأسراري لأشجار تهدهدها العاصفة ؟
هل أسفحُ أحلامي على أنهار اختنقتْ بالجثث ؟
3- العاصفة والماء
أنا المولود في العاصفة ،
ألدُ العاصفة التي تجتاحُ الأشياء ،
وتشكلني العاصفة على صورتها :
أقتلعُ الجدران ... والسّدود ... والقلاع ...
أنفذ في الأرض اليابسة ...
في ثقوبها الصغيرة ...
وتعلو موجتي على حطام السفن والطيور الميتة ،
لا شيء يجعلني أهدأ ... أو أستقر ... أو أتكوّر
فأنا محضُ أمواج من نار
تسيل على كل حجر .
* * *
تآخيت مع الماء :
هذا الذي يحيي كل شيء ،
فأصبحتُ أمواجاً من الماء ،
فأحييتُ الأرض الموات ،
وأحييتُ الشجر الميت ،
وأحييتُ الأنهار الميتة .
* * *
أحبُّ كلّ ما يهـِبَُّ حياً ،
أحبُّ أن تكون الوجوهَ حيّة ً ،
أن تغزوها الموجة ُ الطالعة ُ من رحم الأرض ،
أتآخى مع كل ما هو حيّ
وتشرقُ أنواري في أعماقهِ المظلمة .
4- انتظارات
ما أصعب أن أبتسم
والهمّ يبني في قلبي قبابهُ العالية ،
ما أسهل أن أموتَ
حين يكون للحياة طعم العلقم ،
ما أجمل أن أحبّ
ما دامت روحي لا تزال خضراء ،
ما أصعب أن أعيش
في أخدود الوجود الضيّق ،
هل أفترضُ من حيواتٍ أخرى
حياة ً
أنذرها لبهجاتٍ قادمة ؟
لو كنتُ أعلمُ أن الصحراء بهذه السّعة
لما أتيتُ إليها ...
إذ كنتُ أحلمُ بأفقٍ بلا حدود ،
غير أن الظمأ شديدٌ فيها
والوحشة ُ تعزفُ ببوقها
نشيدَ أنينها الطويل
على رمالها الباردة الصامتة .
تمنيتُ وجوداً غير منقطع
تتعالى في هيكله موسيقى الأعياد
لكن الفرح شحيحٌ
ويرشحُ من السماء مطرٌ أسودُ
هل أنتظر شمساً أخرى ...
أم أكتفي بهذه الغيمةِ
التي لا تبشر بالمطر .
______________________________
لكـ إأآأإأآعـــذب التحـإأآيـإأآ وإأآرقــهــا
عمـل :ابــراهــيم محــمــد الجــهــنــي
شعــبه :31