ARBTECH

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى اللغة العربية للكلية التقنية بجدة


    مستقبل اللغة العربية في ظل صراع الحضارات

    avatar
    يحى شبير


    عدد المساهمات : 9
    نقاط : 30
    تاريخ التسجيل : 07/03/2010

    مستقبل اللغة العربية في ظل صراع الحضارات Empty مستقبل اللغة العربية في ظل صراع الحضارات

    مُساهمة  يحى شبير الإثنين مارس 08, 2010 3:36 am

    كان الفيلسوف الألماني هيردر (1744-1803م) هو أول من قال بأولية اللغة على العقل أو لم يكن(1)، فإن من المؤكد أن الإنسان محتاج إلى لغة أولا كي يتمكن من التفكير ثانيا. ثم تأخذ العلاقة بعد ذلك بين اللغة والتفكير طابعا جدليا؛ أي: أن الأمم تفكر كما تتكلم وتتكلم كما تفكر، فتتموضع الآليات والأنماط تفكيرها في لغاتها، وتتسرب أساليب ومستويات تعبيرها إلى هذه الآليات والأنماط فتغدو جزءا منها. وهو ما يرفع تلقائيا أغلوطة الفصل بين اللفظ والمعنى، ويجعل منها محض ثنائية صورية تسوغ ذلك التصور الساذج للغة على أَنَّهَا محض وسيلة أو حامل أو وعاء للموضوعات والثقافات والأفكار.

    وإن كان ثمة أمة ينطبق عليها قول هيردر إلى حد بعيد فهي الأمة العربية؛ ليس لأنها تفكر كما تتكلم وتتكلم كما تفكر فحسب، بل لأن حامل رسالتها الحضارية إلى العالم هو محمولها في آن. كما أن لغتها مثلت المنطلق الأساس لمشروع التدوين، مشروع الانتقال من طور الثقافة الشفاهية إلى طور الثقافة الكتابية (2).

    إن الكلام على مستقبل اللغة العربية لا ينبغي بحال من الأحوال أن ينظر إليه على أنـه ضـرب مـن (الفاشيـة اللغويـة) كمـا يحلـو لبعض دعـاة مقولـة صراع الحضارات/صراع اللغات أن يقولوا. إذ علاوة على أن (اليونسكو) تولي مسألة حفظ وتطوير اللغات الحية بوجه عام واللغات الرئيسية في العالم بوجه خاص عنايتها الفائقة بدليل تخصيصها يوما عالميا للاحتفال باللغة الأم (3)؛ فإن أحدث الدراسات والإحصاءات في العالم تومئ إلى أن مسألة حفظ ونشر وتطوير اللغات الوطنية والقومية تتصدر لائحة أولويات وميزانيات الدول الكبيرة والصغيرة على حد سواء.

    ويكفي أن نشير بهذا الخصوص إلى أن إيرلندا -رغم أنها من أفقر البلدان الأوروبية- قد أنشأت وكالة للغة الايرلندية، وأنفقت أموالا باهظة للمحافظة عليها. كما أن إندونيسيا خصصت شهر أكتوبر ليكون شهرا قوميا للغة الإندونيسية من كل عام. وتنفق ألمانيا 500 مليون مارك ألماني لخدمة اللغة الألمانية. أما فرنسـا فقد أنفقت عام 1977 (25-30) بليون فرنك فرنسي لخدمة اللغة الفرنسية. وتستخدم الولايات المتحدة خمس هيئات دولية على الأقل لترويج اللغة الإنجليزية. وتبلغ الميزانية السنوية البريطانية للإنفاق على اللغة الإنجليزية 200 مليون جنية إسترليني. أما أسبانيا فقد خصصت عام 1991 (75مليون) دولارا لخدمة اللغة الأسبانية(4).

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 7:10 pm