ARBTECH

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى اللغة العربية للكلية التقنية بجدة


    فوائد البلاغه

    avatar
    عبدالعزيز 3


    عدد المساهمات : 7
    نقاط : 24
    تاريخ التسجيل : 13/03/2010

    فوائد البلاغه Empty فوائد البلاغه

    مُساهمة  عبدالعزيز 3 السبت مارس 13, 2010 9:59 pm

    بسم الله الرحمن الرحيم

    التكرير وهو ذكر الجملة أو الكلمة مرّتين أو ثلاث مرّات فصاعدا؛ لأغراض منها:
    أ - للتأكيد، كقوله تعالى: (كلاّ سوف تعلمون ثمّ كلاّ سوف تعلمون).
    ب - لتناسق الـــكلام فـــلا يضره طــــول الفصل، قـــال تعالى: (إنّي رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين)، بتكرير (رأيت) لئلا يضرّه طول الفصل.
    ج - للاستيعاب، كقوله: (ألا فادخلوا رجلا رجلا ...).
    د - لزيادة الترغيب في شيء، كالعفو في قوله تعالى: (إنَّ من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وأن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإنّ الله غفور رحيم).
    هـ - لاستمالة المخاطب في قبول العظة، كقوله تعالى: (وقال الذي آمن يا قوم اتّبعون أهدكم سبيل الرشاد يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإنّ الآخرة هي دار القرار)، بتكرير (يا قوم).
    و - للتنويه بشأن المخاطب، كقوله: (علي رجل رجل رجل...).
    ز - للترديد حثا على شيء، كالسخاء في قوله:قريب مـن الله السخيّ وأنـه = = قريب من الخير الكثير قريبّح - للتلذّذ بذكره مكرّرا، كقوله:أبي أبي سيقدم غدا من سفره.
    ط - للحث على الاجتناب، كقوله: (الحية الحية أهل الدار...).
    ي - لإثارة الحزن في نفسه أو المخاطب، كقوله: (أيا مقتول ماذا كان جرمك أيا مقتول...).
    ك - للإرشاد إلى الخير، كقوله تعالى: (أولى لك فأولى ثمَّ أولى لك فأولى).
    ل - للتهويل بالتكرير، كقوله تعالى: (الحاقّة ما الحاقّة وما أدراك ما الحاقة).

    و يعدّ التكرار مظهرًا من مظاهر بلاغة البيان القرآني، وهو أن يزاد في الكلام على أصل المراد لفائدة، ويرد في الألفاظ والجمل والموضوعات، ويكثر في الأمثال والقصص والترغيب والترهيب، وقد تحدَّث عنه كثير من المفسِّرين والبلاغيِّين وتفرَّقت بهم الطرق، وتشعَّبت منهم الآراء، فهناك من نفاه جمـلة، وأعلن أنّ كل مكرر فيه جـديد طـريف لا محالة، وهناك من أثبت بلاغته ولم ينكر وجوده في القرآن كابن قتيبة فقد ذكر منه وجهين:
    1. تكرار الكلام من جنـس واحد كقـول الله تعالى: (فبأي آلاء ربكما تكذبان) [الرحمن:13].
    2. تكرار المعنى بلفظين مختلفين لإشـباع المعنى والاتساع في الألفاظ كقـوله: (فيهما فاكهة ونخل ورمان) [الرحمن:68] .
    وأوضح الخطابيُّ بواعث التكرار بقوله: (وإنما يحتاج إليه ويحسن استعماله في الأمور المهمَّة التي قد تعظم العناية بها، ويخاف بتركه وقوع الغلط والنسيان فيها والاستهانة بقدرها).
    وعلى هذا التقسيم سار ابن الأثير وفرّق بين التكرار والإطناب مستشهدًا بالقرآن الكريم والحديث الشريف، قال: (وربما اشتبه على أكثر الناس بالإطناب مرة، وبالتطويل أخرى).
    وأفرد الكرمانيّ مؤلَّفًا خاصًّا بعنوان أسرار التكرار في القرآن مبينًا مقاصده وحكمة اختصاص آية ما بسورة معينة، مما يبرز الارتباط الوثيق بين التكرار وعلم التناسب .
    وساق الزركشيّ التكرار في باب أساليب القرآن وفنونه البليغة، وردّ على من طعن فيه، فقال: (غلط من أنكر كونه من أساليب الفصاحة ظنًّا أنه لا فائدة له وليس كذلك، بل هو من محاسنها لاسيما إذا تعلق بعضه ببعض).

    و بشأن تكرار القصص والأمثال:ساق السيوطيُّ أمثلة على تكرير أمثال القرآن منها: (وما يستوي الأعمى والبصير، ولا الظلمات ولا النور، ولا الظل ولا الحرور، ومايستوي الأحياء ولا الأموات) [فاطر:19-22].
    وأورد نماذج على تكرير القصص القرآنيّ كقصّة آدم وموسى ونوح وغيرهم من الأنبياء، ونقل عن البدر بن جماعة من المقتنص أسرارًا بلاغيّة لتكرار القصص القرآنيّ، أبرزها:
    1. تميُّز النظم في كلّ موضع بالزيادة أو النقصان أو اختلاف الألفاظ.
    2. إشهار القصص في أطراف الأرض ليلقيها كلّ من سمعها، فقد كانت القبائل تفد إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيقرئهم القرآن، فيحدِّثون به أقوامهم، أو يبعث به إلى الأمصار لنشر الإسلام.
    3. الفصاحة في إبراز الكلام الواحد في فنون مختلفة وأساليب متنوِّعة.
    4. إثبات عجز العرب عن الإتيان بمثل أسلوب القرآن بأيِّ نظم أو عبارة.
    وكما تحدَّث القدماء عن التكرار أدلى المعاصرون دلاءهم في هذا المجال، فأضاف الرافعيُّ في فوائد التكرار: توكيد الزجر والوعيد، وبسط الموعظة وتثبيت الحجّة ونحوها، أو تحقيق النعمة، وترديد المنَّة، والتذكير بالنعم، واستشرف محمد أبو زهرة الناحية البيانيَّة للقصَّة القرآنيَّة التي لا تساميها بلاغة في الوجود، فالتكرار فيها له مغزًى بعيد فهو من تصريف القول، وهو من أبرز وجوه البيان القرآنيّ.
    والحقّ أنّ التكرار من أبرز جوانب البلاغة القرآنية وهو مظهر من مظاهر التحدِّي في كتاب الله المعجز الذي لا تنقضي عجائبه ولا يخلق من كثرة الردّ.

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 06, 2024 9:47 pm