البلاغة العربـيـة
1 – الفَصَاحَـةُ :/
أ - تعريفها :/
الفصاحة هي الظهور و البيان ، تقول : أفصح الصبح : إذا ظهر ، و أفصح عمّا في نفسه : إذا أظهره . و الكلام الفصيح ما كان واضح
المعنى ، سهل اللفظ . و الذوق السليم هو العمدة في معرفة حسن الكلمات ، و تميّز ما فيها من وجوه البشاعة ، و مظاهر الاستكراه .
قال الله تعالى حاكيا قول موسى عليه السّلام و هو يخاطب ربّه : ( و أخي هارون هو أفصح منّي لسانا ) أي أبين مني منطلقا، و أظهـر مني قولا .
ب – شروطها :/
اشترط البلاغيون كي يكون التعبير فصيحا شروطا في اللفظ و أخرى في الكلام .
أما شروط اللفظ ( المفرد ) فتنحصر في أمور ثلاثة هي :
1 – سلامة الكلمة من تنافر الحروف الذي يسبّب ثقلها على السمع ، وصعوبة أدائها باللسان . مثال ذلك قول الأعرابي : تركت ناقتي ترعى الهُعْخُع ( الكلأ و العشب ) .
تنبيه :/ قد تكون الكلمة أحيانا غير فصيحة و هذا في منطق البلاغيين ، و هي الفصاحة بعينها في منطق التصوير الفني و التعبير الرّفيع إذ لا تكون فصاحة الكلمة إلاّ إذا وقعت في موقعها المناسب ، و أدّت الغاية منها . و هاكَ مثالا على ذلك ، قوله تعالى : ( يا أيّها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثّاقلتم إلى الأرض ) و قوله أيضا و إنَّ منكم لمن ليبطئنَّ ) فانظر كيف دلّت تلك الكلمة الثقيلة على المعنى المراد بيانه ، فِثقل العبارة معبّر بحق على ثقل أولئك الموصوفين : و هذا عين الفصاحة .
2 – سلامة اللفظ من الغرابة ، بمعنى ألاّ يكون للكلمة الواحدة أكثر من معنى واحد من حيث يصعب التمييز بين تلك المعاني المختلـفة
حسب السياق ، و هو ما يوقع في الالتباس و الغموض .
3 – سلامة الكلمة من مخالفة القياس ، إذ يجب أن تكون كل كلمة جارية على القياس الصرفي و أسس اللغة العربية . مثال المخالفة :
الحمد لله العليّ الأجلل :: الواهب الفضل الوهوب المجزل . [ فالواجب أن يقول : الأجلّ ، لأنّ العربية تفرض ذلك ] .
أمّا فصاحة الكلام ( التركيب ) فتكون بشروط ثلاثة هي :
1 – سلامة التركيب من تنافر الكلمات الذي يسبّب ثقلها على السمع و صعوبة أدائها باللسان . مثاله قول الشاعر :
و قبر حرب بمكان قفر :: و ليس قرب قبر حرب قبر .
2 – سلامة الجملة من ضعف التأليف و خروجه عن قواعد اللغة ، كرجوع الضمير على متاخّر لفظا و رتبة :
و لو أنّ مجدا أخلد الدهر واحدا :: من الناس أبقى مجدُه الدهر مطعما ( فالضمير في :" مجده " عائد على مطعما ) .
أو بتكرار ما لا فائدة من ورائه : و أزور من كان له زائرا :: و عاف عافي العرف عرفانـه
3 – سلامة التركيب من التعقيد ،و التعقيد أن يكون الكلام خفي الدّلالة على المعنى المراد بسبب تأخّر الكلمات أو تقدّمها عن مواطنها
الأصلية ، أو باستعمال كلمات في غير معانيها الحقيقية ، فيضطرب التعبير ، و يلتبس الأمر على السامع .
أنّى يكون أبا البريّة آدم :: و أبوك و الثقلان أنت محمد
---------------------------------------
2 – البَلاَغَــةُ :/
أ – البلاغة مأخوذة من قولهم : بلغتُ الغاية ، إذا انتهيتُ إليها و بلّغتها غيري ، و بلغ : بمعنى وصل إليه مكانا كان أو زمانا ، أو غيرهما
حسيّا أو معنويّا ( فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما ) . و المبالغة في الأمر : أن تبلغ فيه جهدك ، و تنتهي إلى غايته ( بالغ في الاستنشاق إلاّ أن تكون صائما ) .
ب – سمّيت البلاغة بلاغة لأنّها تنهي المعنى إلى قلب سامعه فيفهمه ، و هي بعبارة أخرى : الوصول إلى منتهى القوّة .
ج – و البلاغة هي تأدية المعنى الجليل واضحا بعبارة صحيحة فصيحة لها في النفس أثر خلاّب ( فأعرض عنهم و عظهـم و قل لهـم في أنفسهم قولا بلبغا ) ، و يكون ذلك بوضع الكلام في موضعه من طول و إيجاز حسب ما يقتضيه الحال ، تأمّل مثلا في جواب موسى عليه السّلام حينما سأله ربّه عمّا في يده ، فقال : ( و ما تلك بيمينك يا موسى ؟ قال : هي عصاي ) و كان يحسن له الوقوف عند هذا الحدّ ، و لكن جلالة الموقف و عظمة المخاطِب جعلت المخاطَب يطنب في الجواب ، فقال ( أتوكأ عليها و أهشّ بها على غنمي و لي فيها مآرب أخرى ) .
د – للبلاغة عنصران اثنان هما : لفظ و معنى ، و تأليف للألفاظ ، ثمّ دقّة في اختيار الكلمات و الأساليب على حسب مواطن الكـلام ،
فرُبّ كلمة حسنت في موطن ، ثمّ كانت مستكرهة في غيره .
تنبيه :/ ذهب بعض البلاغيين إلى أنّ عنصر البلاغة الأوحد هو اللفظ ، و رأى غيرهم أنّ المعنى هو الأساس فيها .و الصحيح الذي عليه الأكثرون : أنّ البلاغة هي توحيد بين اللفظ و المعنى ، و هما كالجسد و الروح المتكامِلَيْنِ ، إذا أصاب الحيف أحدهما اشتكى له الثاني و تداعى ، فالكلام إذا كائن حيّ : روحه المعنى ، و جسمه اللفظ . فإذا انفصلا : أصبح الروح نَفَسا لا يتمثّل ، و الجسم جمادا لا يُحِسُّ
3 – بَيْنَ الفَصَاحَةِ و البَلاَغَـة :/
أ – الفصاحة و البلاغة ترجعان إلى معنًى واحدٍ و إن اختلف أصلهما ، لأنّ كلّ واحد منهما يدلّ على الإبانة عن المعنى و إظهاره .
ب – فالبلاغة هي الفصاحة ، و إن كان بينهما عموم و خصوص مطلق ، فالفصاحة أعمّ و البلاغة أخصّ ، فكلّ فصيح بليغ ، و ليـس كلّ بليغ فصيح .
ج – و الخلاصة أنّ الفصاحة يوصف بها اللفظ المفرد و الكلام و المتكلّم ، فيقال : لفظة فصيحة ، و كلام فصيح ، و رجل فصيح . أما البلاغة فمن صفة الكلام فقط ، لا من صفة المتكلّم ، فيقال : كلام بليغ ( قل فللّه الحجة البالغة ) ( حكمة بالغة ) .
تنبيه :/ إن جاز وصف المتكلّم بالبلاغة ، فمن باب التوسعة ، فيقال : رجل بليغ .
1 – الفَصَاحَـةُ :/
أ - تعريفها :/
الفصاحة هي الظهور و البيان ، تقول : أفصح الصبح : إذا ظهر ، و أفصح عمّا في نفسه : إذا أظهره . و الكلام الفصيح ما كان واضح
المعنى ، سهل اللفظ . و الذوق السليم هو العمدة في معرفة حسن الكلمات ، و تميّز ما فيها من وجوه البشاعة ، و مظاهر الاستكراه .
قال الله تعالى حاكيا قول موسى عليه السّلام و هو يخاطب ربّه : ( و أخي هارون هو أفصح منّي لسانا ) أي أبين مني منطلقا، و أظهـر مني قولا .
ب – شروطها :/
اشترط البلاغيون كي يكون التعبير فصيحا شروطا في اللفظ و أخرى في الكلام .
أما شروط اللفظ ( المفرد ) فتنحصر في أمور ثلاثة هي :
1 – سلامة الكلمة من تنافر الحروف الذي يسبّب ثقلها على السمع ، وصعوبة أدائها باللسان . مثال ذلك قول الأعرابي : تركت ناقتي ترعى الهُعْخُع ( الكلأ و العشب ) .
تنبيه :/ قد تكون الكلمة أحيانا غير فصيحة و هذا في منطق البلاغيين ، و هي الفصاحة بعينها في منطق التصوير الفني و التعبير الرّفيع إذ لا تكون فصاحة الكلمة إلاّ إذا وقعت في موقعها المناسب ، و أدّت الغاية منها . و هاكَ مثالا على ذلك ، قوله تعالى : ( يا أيّها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثّاقلتم إلى الأرض ) و قوله أيضا و إنَّ منكم لمن ليبطئنَّ ) فانظر كيف دلّت تلك الكلمة الثقيلة على المعنى المراد بيانه ، فِثقل العبارة معبّر بحق على ثقل أولئك الموصوفين : و هذا عين الفصاحة .
2 – سلامة اللفظ من الغرابة ، بمعنى ألاّ يكون للكلمة الواحدة أكثر من معنى واحد من حيث يصعب التمييز بين تلك المعاني المختلـفة
حسب السياق ، و هو ما يوقع في الالتباس و الغموض .
3 – سلامة الكلمة من مخالفة القياس ، إذ يجب أن تكون كل كلمة جارية على القياس الصرفي و أسس اللغة العربية . مثال المخالفة :
الحمد لله العليّ الأجلل :: الواهب الفضل الوهوب المجزل . [ فالواجب أن يقول : الأجلّ ، لأنّ العربية تفرض ذلك ] .
أمّا فصاحة الكلام ( التركيب ) فتكون بشروط ثلاثة هي :
1 – سلامة التركيب من تنافر الكلمات الذي يسبّب ثقلها على السمع و صعوبة أدائها باللسان . مثاله قول الشاعر :
و قبر حرب بمكان قفر :: و ليس قرب قبر حرب قبر .
2 – سلامة الجملة من ضعف التأليف و خروجه عن قواعد اللغة ، كرجوع الضمير على متاخّر لفظا و رتبة :
و لو أنّ مجدا أخلد الدهر واحدا :: من الناس أبقى مجدُه الدهر مطعما ( فالضمير في :" مجده " عائد على مطعما ) .
أو بتكرار ما لا فائدة من ورائه : و أزور من كان له زائرا :: و عاف عافي العرف عرفانـه
3 – سلامة التركيب من التعقيد ،و التعقيد أن يكون الكلام خفي الدّلالة على المعنى المراد بسبب تأخّر الكلمات أو تقدّمها عن مواطنها
الأصلية ، أو باستعمال كلمات في غير معانيها الحقيقية ، فيضطرب التعبير ، و يلتبس الأمر على السامع .
أنّى يكون أبا البريّة آدم :: و أبوك و الثقلان أنت محمد
---------------------------------------
2 – البَلاَغَــةُ :/
أ – البلاغة مأخوذة من قولهم : بلغتُ الغاية ، إذا انتهيتُ إليها و بلّغتها غيري ، و بلغ : بمعنى وصل إليه مكانا كان أو زمانا ، أو غيرهما
حسيّا أو معنويّا ( فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما ) . و المبالغة في الأمر : أن تبلغ فيه جهدك ، و تنتهي إلى غايته ( بالغ في الاستنشاق إلاّ أن تكون صائما ) .
ب – سمّيت البلاغة بلاغة لأنّها تنهي المعنى إلى قلب سامعه فيفهمه ، و هي بعبارة أخرى : الوصول إلى منتهى القوّة .
ج – و البلاغة هي تأدية المعنى الجليل واضحا بعبارة صحيحة فصيحة لها في النفس أثر خلاّب ( فأعرض عنهم و عظهـم و قل لهـم في أنفسهم قولا بلبغا ) ، و يكون ذلك بوضع الكلام في موضعه من طول و إيجاز حسب ما يقتضيه الحال ، تأمّل مثلا في جواب موسى عليه السّلام حينما سأله ربّه عمّا في يده ، فقال : ( و ما تلك بيمينك يا موسى ؟ قال : هي عصاي ) و كان يحسن له الوقوف عند هذا الحدّ ، و لكن جلالة الموقف و عظمة المخاطِب جعلت المخاطَب يطنب في الجواب ، فقال ( أتوكأ عليها و أهشّ بها على غنمي و لي فيها مآرب أخرى ) .
د – للبلاغة عنصران اثنان هما : لفظ و معنى ، و تأليف للألفاظ ، ثمّ دقّة في اختيار الكلمات و الأساليب على حسب مواطن الكـلام ،
فرُبّ كلمة حسنت في موطن ، ثمّ كانت مستكرهة في غيره .
تنبيه :/ ذهب بعض البلاغيين إلى أنّ عنصر البلاغة الأوحد هو اللفظ ، و رأى غيرهم أنّ المعنى هو الأساس فيها .و الصحيح الذي عليه الأكثرون : أنّ البلاغة هي توحيد بين اللفظ و المعنى ، و هما كالجسد و الروح المتكامِلَيْنِ ، إذا أصاب الحيف أحدهما اشتكى له الثاني و تداعى ، فالكلام إذا كائن حيّ : روحه المعنى ، و جسمه اللفظ . فإذا انفصلا : أصبح الروح نَفَسا لا يتمثّل ، و الجسم جمادا لا يُحِسُّ
3 – بَيْنَ الفَصَاحَةِ و البَلاَغَـة :/
أ – الفصاحة و البلاغة ترجعان إلى معنًى واحدٍ و إن اختلف أصلهما ، لأنّ كلّ واحد منهما يدلّ على الإبانة عن المعنى و إظهاره .
ب – فالبلاغة هي الفصاحة ، و إن كان بينهما عموم و خصوص مطلق ، فالفصاحة أعمّ و البلاغة أخصّ ، فكلّ فصيح بليغ ، و ليـس كلّ بليغ فصيح .
ج – و الخلاصة أنّ الفصاحة يوصف بها اللفظ المفرد و الكلام و المتكلّم ، فيقال : لفظة فصيحة ، و كلام فصيح ، و رجل فصيح . أما البلاغة فمن صفة الكلام فقط ، لا من صفة المتكلّم ، فيقال : كلام بليغ ( قل فللّه الحجة البالغة ) ( حكمة بالغة ) .
تنبيه :/ إن جاز وصف المتكلّم بالبلاغة ، فمن باب التوسعة ، فيقال : رجل بليغ .